محمود الحمزة
لدينا مشاكل كثيرة تراكمت على مدى 60 عاما وترسخت تلك المشاكل السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، حيث قام النظام البعثي والاسدي بتدمير البنية التحتية والمجتمعية في سورية.
جاءت حكومة جديدة منذ شهر ونصف بعد انتصار الثورة السورية وإسقاط نظام الاسد المجرم، وحتى اليوم خطاب الادارة الجديدة ايجابي ووطني وحريص على وحدة البلاد واحترام الاخر. ومع ذلك لدينا تحفظات على بعض الاشياء وخاصة الانفراد الكامل بالإدارة، وللأمانة قالوا لنا منذ اول يوم اعطونا مهلة حتى 1 مارس لنبسط الامن ووحدة البلاد.
فمن جهة نلاحظ ان هناك من يحاول اللعب بالمشهد السوري باسم الخصوصيات وباسم الحقوق القومية او الدينية او الطائفية ونرى اتصالات مع قوى معينة لم تنخرط تماما ضمن إطار الدولة السورية الجديدة، موجهة ضد وحدة البلاد وسيادتها وهناك قوى داخلية وإقليمية ودولية تدفع الى تعميق الهوة وعدم التصالح بين السوريين.
لذلك ندعو لاعتماد الحوار بين السوريين واعطاءه مدد زمنية لكي يحقق نتائج وبالمحصلة لا يوجد أولوية أكبر من توحيد الدولة السورية ارضا وشعبا وتحريرها من السلاح غير الخاضع لوزارة الدفاع، وعدم شرعية أي سلطة امر واقع نشأت في ظروف غير طبيعية وليس لديها أي حق بالاستمرار، ويجب التمييز بين تلك السلطات وبين حقوق الناس ومصالح الشعب ومكوناته المختلفة فهذا شيء مقدس وواجب وحق على كل السوريين الدفاع عنه.
ولكن هناك تضخيم متعمد للأمور واعطاؤها شكلا مخيفا وهنا يستحضرني قول شاعر فلسطيني:
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن جريمة فيها نظر
يعني قتل الملايين وهجروا ودمرت بيوتهم وهم جزء أساسي وكبير من الشعب ولا أحد يقول كلمة كيف نجبر بخاطر هؤلاء الذين فقدوا في العائلة الواحدة العديد من الشهداء وطردوا من بيوتهم لأنهم عارضوا النظام او لأسباب طائفية، بينما هناك من شارك في قتل السوريين او صمت على قتلهم واليوم صوته اعلى صوت يطالب بحقوق الأقليات ويصرخ ويهدد ويضع شروطا على الحكومة الوليدة وكأن مطالبهم هي اكبر اولوية لدى الحكومة في وقت يموت فيه الناس من الجوع ويأكلون من حاويات الزبالة ويموت الاطفال من المرض وهناك الف مشكلة تمس كرامة الانسان وانسانيته المباشر، عداك عن مشاكل توطيد الأمن وحماية حياة الناس، ومنع الفلتان الأمني من قبل شبيحة النظام البائد، ويأتي من ينظّر عليك بحقوق الانسان والمقولات الفلسفية والمحاضرات النظرية مع أهميتها الكبيرة، لكنها تعتبر نوع من الترف في وقت يجب أن يشمر الكل عن سواعده للمساهمة في بناء سورية الجديدة
ومع الاداء الجيد والمشرّف للإدارة الجديدة والمتجسدة في نشاطات وخطاب قائد الادارة الجديدة السيد احمد الشرع ووزير الخارجية الشيد اسعد الشيباني الذي نعتز بهما ونفتخر، إلا أن هناك ملاحظات منها:
– غياب مصدر اعلامي رسمي واضح يخاطب الشعب السوري وينقل له حقيقة ما يجري في البلاد
– وجود صعوبة تصل لحد الاستحالة في التواصل بين الناس وبين المسؤولين في الحكومة الجديدة
– عدم استقطاب السوريين ذوي الخبرات والمشهود لهم بالنزاهة والكفاءة ممن حاربوا نظام الاستبداد والفساد.
– الكثير من الشخصيات الوطنية المدنية والعسكرية والامنية المخلصة للوطن والفاعلة والتي لديها كفاءات مستعدة للمساهمة في دعم عمل الحكومة الجديدة ولكنها مهملة وهذا امر غير مقبول فنحن بحاجة ماسة لكل جهد وطني صادق ومفيد.
– اهمال إعادة ترتيب اوضاع السفارات وعدم فصل السفراء الشبيحة مثل بشار الجعفري وامثاله.
– لماذا لا تضع الإدارة الجديدة نفسها برنامج للاستقبالات بشكل مدروس ومنهجي، بحيث يتم تبليغ الناس بمواعيد لقاءاتهم بحيث يتقدم كل وفد بمقترحات لتحسين الوضع وبناء البلد وليس فقط للسلام والترحيب والتوديع.
ارى ان اكبر مشكلة تواجه سورية هي ان ملايين السوريين الاحرار وخاصة من ذوي الكفاءات يتفرجون وفي قلوبهم حسرة لانهم مبعدون عن المشهد ولا يعرفون ماذا يجري . هذا هدر لطاقات وطنية شريفة فمهمة بناء سورية هي مهمة وطنية بامتياز ومن حق كل السوريين المشاركة فيها.
ومهما يكن فإننا مع الادارة الجديدة ندعمها ولا نسكت عن الاخطاء ولكن نعطي للأخطاء حجمها الطبيعي ونبقى حذرين من المتصيدين في الماء العكر.
وأخيرا لا بد من التذكير بضرورة اقامة هيئة للعدالة الانتقالية تضم سياسيين وقضاة ومحامين واجتماعيين وغيرهم للبت في جرائم الاف الشبيحة من الموالين والمعارضين واعادة الحقوق لأهلها.
ولا يمكن السماح للشبيحة بان يقفزوا ويتصدروا المشهد من جديد بعد ان دعموا الاسد بنشاط واستفادوا وتسببوا بالضرر لحياة الناس واليوم يرفعون صوتهم ويزاودون على الثوار الحقيقيين.