حاوره: أسامة آغي
المرحلة الانتقالية في سورية بعد سقوط نظام الإبادة الأسدي مرحلة ضرورية لنقل البلاد من واقع فرضه الاستبداد إلى واقع جديد تتشكل فيه سورية الجديدة كدولة ديمقراطية تعددية.
حول هذه المرحلة أجرى أسامة آغي حواراً شاملاً مع الدكتور صلاح وانلي رئيس التجمّع الوطني الديمقراطي السوري لبيان رؤيته حول مهام هذه المرحلة وآفاقها يتم نشره في موقعي نينار برس وغلوبال جستس سيريا نيوز.
السؤال الأول:
ما المهام السياسية للمرحلة الانتقالية وكيف ينظر تجمّعكم الوطني الديمقراطي السوري إلى أهمها؟
المرحلة الانتقالية مفصلية
في إجابته على سؤالنا الأول، يرى الدكتور صلاح وانلي الذي ينحدر من أسرة دمشقية عريقة: إن المرحلة الانتقالية في سورية هي مرحلة مفصلية، تتطلب جهوداً استثنائية من جميع القوى الوطنية، حيث يجب أن يكون الهدف الأول بناء دولة ديمقراطية على أنقاض الاستبداد، دولة تقوم على قيم المواطنة والمساواة وسيادة القانون.
ويضيف: تجمّعنا الوطني الديمقراطي السوري يرى إن هذه المرحلة تتطلب جهوداً جبّارة لانتقال البلد من عقلية التسلّط والديكتاتورية واحتكار الحياة السياسية إلى سورية التي تسمح بالتعددية السياسية والمساواة والحرّية والعدالة الاجتماعية وغير ذلك من من قيمٍ كانت غائبة عن المشهد السوري، هذا لغياب كان له الأثر الأكبر في انفجار ثورة الحرية والكرامة، لذلك يجب أن ننطلق من قاعدة صلبة نحو مأسسة العمل وتحقيق الأهداف التي آمن بها الشعب السوري.
ويحدّد الدكتور وانلي أبرز هذه المهام حيث يقول:
1- تشكيل إدارة انتقالية وطنية:
يقول رئيس التجمّع الوطني الديمقراطي السوري إنهم يؤمنون بأن هذه الإدارة يجب أن تكون جامعةً لجميع القوى الوطنية الفاعلة، وأن تكون المهمة الأساسية لها هي العمل على تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي.
ويوضح: إننا سندعم هذه الإدارة ولن نكون عبئاً عليها، وإننا ومن خلال الخبرات والكفاءات الموجودة في التجمّع الوطني الديمقراطي نستطيع الإسهام في مسيرتها الوطنية.
2- إطلاق مشروع مصالحة وطنية شاملة:
حول هذه المهمة يرى الدكتور وانلي: إن هذا المشروع يجب أن يهدف إلى ترميم النسيج الاجتماعي، الذي دمّره النظام البائد. ومن الضروري أن يتمّ التصدي للشرخ الطائفي الذي أحدثه النظام، وأن يعاد بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوري دون استخدام مصلحات “الأقليات والأكثرية”، لإننا نؤمن بسورية واحدة موحدة تتجاوز هذه التصنيفات البغيضة.
3- تأسيس نظام سياسي تعددي
حول هذه المهمة يقول الدكتور صلاح وانلي:
المرحلة الانتقالية يجب أن تؤسس لنظام ديمقراطي تعددي قائم على احترام إرادة الشعب السوري، من خلال وضع قانون انتخابات عصري، يضمن انتخابات حرّة ونزيهة يشارك فيها الشعب السوري في الداخل والخارج
4- العمل على إصلاح المؤسسات الأمنية
يقول الدكتور صلاح وانلي حول هذه المهمة:
من المهم إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لتكون خادمة للشعب وليس أداة للقمع، مع ضمان استقلاليتها عن أي سلطة سياسية، مع التركيز على إصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية.
مضيفاً: ضرورة استيعاب العسكريين المنشقين عن النظام السابق من ضباط وصف ضباط وأفراد، سواء كانوا في الجيش أو الشرطة أو الأجهزة الأمنية، لمن يرغب منهم، وإعادة دمجهم ضمن المؤسسات الوطنية وفق آليات مدروسة.
ويرى الدكتور صلاح وانلي: أنه يجب وضع عقيدة عسكرية جديدة لجيش المستقبل، تستند إلى الواقع العسكري الجديد في سورية، بحيث يكون الجيش مؤسسة وطنية تدافع عن سيادة الوطن، وتحمي المواطنين بعيداً عن أي ولاءات حزبية أو طائفية.
5- إطلاق حوار وطني واسع
في المهمة الخامسة يقول الدكتور صلاح وانلي:
هذا الحوار يجب أن يشمل جميع المكونات السياسية والاجتماعية السورية بهدف الاتفاق على رؤية مشتركة للمستقبل.
السؤال الثاني
ما المهام التشريعية التي ترونها مطلوبة للمرحلة الانتقالية؟ وما المهم الذي يجب أن ينصّ عليه الإعلان الدستوري الخاص بهذه المرحلة؟
الإعلان الدستوري وأهميته
يرى الدكتور صلاح وانلي رئيس التجمع الوطني الديمقراطي السوري:
إن الإعلان الدستوري الخاص بالمرحلة الانتقالية هو حجر الزاوية في إعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة، وبرأيه فهذا الإعلان يجب أن يعكس تطلعات الشعب السوري، ويضمن الحقوق والحريات الأساسية لكل المواطنين.
وقد حدّد وانلي أبرز النقاط التي يجب أن يتضمنها الإعلان الدستور، وهي كما ذكرها كالتالي:
1- التأكيد على مبدأ المواطنة المتساوية:
أي إن جميع السوريين متساوون أمام القانون بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرق.. وهذا المبدأ يجب أن يكون الركيزة الأولى للدولة الجديدة
2- الفصل بين السلطات
هذا الفصل يضمن كما يقول وانلي عدم تغوّل السلطة التنفيذية على باقي السلطات
3- إقرار العدالة الانتقالية
ويتم ذلك كما يقول وانلي من خلال نصوص دستورية تضمن محاسبة كل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري دون استثناء أو انتقام مع التركيز على حقوق الضحايا
4- وضع أسس للحريات العامة
في هذه المهمة يرى وانلي إنه يجب أن يضمن الإعلان الدستوري حرية التعبير والتجمّع والتنظيم السياسي بشكلٍ لا لبس فيه
5- ضمان حقوق المرأة
يؤكد وانلي على أهمية أن يتضمن الإعلان الدستوري نصوصاً واضحة تدعم مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية، وضمان حقوقها
6- تحديد مدّة المرحلة الانتقالية وأهدافها
في هذه المهمة يرى الدكتور وانلي أهمية تحديد مدّة المرحلة الانتقالية وأهدافها بحيث تكون واضحةً وذات خطوات سيتمّ اتخاذها خلالها بما يشمل صياغة دستور دائم عبر هيئة منتخبة.
السؤال الثالث
ما المطلوب تشريعياً للتأسيس للمرحلة الاقتصادية الجديدة وما هو برأيكم محتوى برنامجها التنفيذي في المرحلة الانتقالية؟
لا استقرار سياسياً دون معالجة الوضع الاقتصادي
في إجابته على هذا السؤال يقول الدكتور وانلي:
لا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي دون معالجة الوضع الاقتصادي الذي خلّفه النظام البائد، فالمرحلة الانتقالية تتطلب رؤية اقتصادية واضحة تأخذ بعين الاعتبار الدمار الهائل في البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية.
ويضيف وانلي:
تجمّعنا الوطني الديمقراطي السوري يرى إن المطلوب على المستوى التشريعي هو كما يلي:
1- إصدار قوانين استثنائية لإعادة الإعمار تضمن الشفافية في تخصيص الموارد ومنع الاحتكار والفساد
2- إقرار قوانين تشجّع الاستثمار، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة والخدمات
3- تنظيم قوانين الملكية لضمان حقوق المهجّرين واللاجئين في استعادة ممتلكاتهم أو تعويضهم عنها
4- إصلاح النظام الضريبي لضمان عدالة التوزيع وتقليل الفجوة الاقتصادية بين الطبقات
أما بما يخصّ المستوى التنفيذي فالدكتور صلاح وانلي رئيس التجمّع الوطني الديمقراطي يرى أهمية النقاط التالية:
1- إطلاق خطّة إعادة إعمار وطنية شاملة تشمل البنى التحتية، المدن المدمّرة، والمؤسسات الخدمية
2- إنشاء صندوق وطني للتنمية بتمويل محلي ودولي إن توفّر، يركّز على إعادة بناء المناطق الأكثر تضرّراً، وتشغيل الشباب العاطل عن العمل
3- دعم القطاعات الإنتاجية عبر تقديم حوافز للصناعات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعدّ المحرّك الأساسي للاقتصاد
4- ضمان وصول المساعدات العربية والدولية بشكلٍ عادلٍ وفعّالٍ، مع التركيز على القرى والمناطق المهمّشة التي عانت أكثر من غيرها.
ويضيف وانلي:
نحن نؤمن أن تجمّعنا الوطني الديمقراطي السوري، بما يملكه من كفاءات وطنية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن يساهم بفعالية في صياغة هذه السياسات وتنفيذها جنباً إلى جنبٍ مع الإدارة الجديدة.
السؤال الرابع
ما أهم ما يجب أن يناقشه المؤتمر الوطني السوري العام وفق وجهة نظر حزبكم؟
مؤتمر لتحديد ملامح سورية
يجيب الدكتور وانلي على سؤالنا الرابع ويقول:
المؤتمر الوطني السوري المزمع عقده يجب أن يكون بمثابة نقطة انطلاق لتحديد ملامح سورية المستقبل. مضيفاً: من وجهة نظرنا، أهم المواضيع التي يجب أن تُطرح للنقاش هي:
1- صياغة ميثاق وطني جامع يؤكد على وحدة سورية أرضاً وشعباً، وعلى مبادئ الديمقراطية والعدالة المواطنة المتساوية
2- إقرار رؤية استراتيجية لإعادة بناء الدولة تشمل إصلاح المؤسسات الحكومية مثل القضاء والتعليم والخدمات الصحية
3- مناقشة قضايا العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، للوصول إلى آلية تعالج آثار الماضي، وتضمن عدم تكرار المآسي
4- بحث الوضع الأمني وإعادة هيكلة القوات المسلحة، بحيث تكون القوات المسلحة مؤسسة وطنية بعيدة عن الولاءات الحزبية أو الطائفية
5- رسم خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تراعي خصوصيات المناطق المختلفة في سورية وتضمن التنمية المتوازنة
السؤال الخامس
هل تنوون في التجمّع الوطني الديمقراطي السوري الانتقال تنظيمياً من صيغة “تجمّع” إلى صيغة “حزب سياسي”؟ ما أسبابكم في ذلك؟
صيغة ذات إطار قانوني
يجيب الدكتور وانلي على سؤالنا الخامس والأخير فيقول:
نعم، نحن نعمل على الانتقال من صيغة التجمّع إلى صيغة حزب سياسي مرخّص، وذلك لعدّة أسباب
1- تعزيز مشاركتنا في الحياة السياسية، فصيغة الحزب تمنحنا الإطار القانوني الذي يمكّننا من المشاركة بفعالية في العملية السياسية الديمقراطية الجديدة.
2- توسيع قاعدة العضوية: الحزب ككيان سياسي يسمح لنا بالتوسع والوصول إلى فئات أوسع من الشعب السوري، ما يعزّز تأثيرنا في الساحة الوطنية
3- المساهمة في بناء دولة المؤسسات. فالتحول إلى حزب سياسي يساعد في مأسسة العمل السياسي، ويعطي نموذجاً لما يجب أن تكون عليه الأحزاب السياسية الجديدة في سورية الجديدة
ويشرح وانلي رؤيته حول ذلك قائلاً:
نؤكّد إننا لا نسعى لنكون منافساً للإدارة الجديدة، بل شريكاً فاعلاً وداعماً لها في مسيرتها الوطنية طالما إنها سائرة على النهج الوطني الصحيح. ونحن نرى أن دورنا كحزب سياسي سيكون مكمّلاً لجهودها، وسنعمل على توظيف خبراتنا في كافة المجالات، لتحقيق ما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
ويضيف وانلي مختتماً حواره معنا:
نحن في التجمّع الوطني الديمقراطي السوري نؤمن إن سورية الجديدة تحتاج إلى جهود جميع أبنائها، لذا سنعمل بكل إخلاص على المساهمة في إعادة بناء الوطن وإرساء دعائم الدولة الديمقراطية التي يحلم بهل كل سوري.