حازم العريضي*
● نأى الأستاذ وليد جنبلاط بنفسه عن “تهمة” التّدخل بحراك السّويداء، مع استدراكه بالقول إنّه دعم كلامياً الحراك “السّلمي”، وهو تأكيدٌ هامٌّ لسحب الورقة السّخيفة التي يصرّ أبواق النّظام على إثارتها فتنةً بزعمهم أنّ الحراك في جبل العرب مرتبطٌ بأجنداتٍ خارجيّةٍ من خلف الحدود السّوريّة جنوباً وغرباً، وربّما شمالاً أيضاً.
● ولكنّ الأهمّ في كلام جنبلاط كان إشارته، التي بدت عابرةً، إلى أنّ الانشغال بمشاكل لبنان الدّاخلية يجعل المرء “ينسى أحياناً ما يجري في سوريا”، وفق تعبيره.
وهنا يأتي التّوضيح الذي لا لبس فيه في ذات المقابلة بشأن التّصعيد المقبل من جنوب لبنان لا محالة!
• يؤكّد جنبلاط أن المبعوث الأميركي هوكشتاين طرح اشتراطاتٍ “مستحيلةً” لمنع التّصعيد ضدّ حزب حسن نصر الله، بل إنّ جنبلاط يبرّر خلال الحوار موقفه من الحزب في هذه المرحلة، وهو الأمر الذي جهدت محاورته من المنصّة التّابعة لشبكة الجزيرة في وضعه عنواناً بارزاً للجزء الأوّل من الحديث.
نعم، لقد قال جنبلاط بجلاء إنّ موقفه ينسجم مع حزب حسن وخوضه المعركة بمبرّراتٍ منها استحالة تنفيذ الشّروط والابتعاد عن الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة ثمانية كيلومترات، بالإضافة إلى مبرّر “مشاغلة العدو” تزامناً مع المعركة “غير المسبوقة” نتائجها منذ عام 48، بحسب الأستاذ وليد.
● والخلاصة الأبرز من كلامه هي أنّ الحرب على حزب حسن (أو على لبنان كما يقول مناصرو الحزب) آتيةٌ لا محالة، بل يقول جنبلاط إنّها قد بدأت بالفعل، في إشارةٍ إلى التّصعيد المستمرّ على الجبهة الجنوبيّة.
■ ويبقى أن نربط هذا الاستنتاج بكلّ ما نُقل عن مصادرَ دبلوماسيّةٍ بريطانيّةٍ بشأن حربٍ مقبلةٍ منتصف هذا الشّهر على حزب حسن في لبنان، وغيرها من التّأكيدات المتواترة.
■ إذن، أليس حريّاً باللبنانيّين، مناصرين لحزب حسن كانوا أم خصوماً أن يفعلوا كلّ ما يستطيعون للضّغط على نصر الله ومرتزقته للخروج من سوريا والعودة إلى لبنان استعداداً للدّفاع عنه؟! أو على الأقلّ للاهتمام بالنّازحين المحتملين من مختلف مناطق الجنوب اللبنانيِّ وربّما مناطق أخرى؟
أم أنّ اللبنانيّين متيقّنون من إتقان نصر الله للتنازلات الاستسلاميّة من تحت الطاولة وفوقها إن اقتضى الأمر،
كيف لا وحسن هو الابن البارّ لمدرسة “تجرّع السّم” على طريقة الخميني؟!
هل يبيع نصر الله وحلفاؤه شريطاً بعمق 8 كم داخل الأراضي اللبنانيّة جنوباً مقابل بقائه متسلّطاً على “الدّولة” اللبنانيّة الفاشلة، وأعمال الارتزاق في سوريا بوصفه ميليشيا تابعة للحرس الثّوري الإيراني على حساب اللبنانيّين والسّوريّين و”القضيّة المركزيّة”؟!
حزيران شهر صفقات “الأرض مقابل التّسلط على العباد”، بالأمس كانت ذكرى صفقة بقاء حافظ الأسد في السّلطة مقابل “الانسحاب الكيفيِّ” من الجولان السّوري، ومثلها ذكرياتٌ كثيرةٌ، أضنة 98، تمّوز 2006، وكثيرةٌ هي “الانتصارات الإلهيّة” المفبركة.
*حازم العريضي صحفي سوري عمل في الصحافة الاستقصائية (دمشق) وفي الإعلام المرئي في لندن واسطنبول وعمّان.