تمر سوريا بمرحلة ولادة جديدة، حيث حققت الدولة، بفضل الله، إنجازات مهمة خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا. أهم هذه الإنجازات تشمل استعادة الأمن، إعادة إطلاق العجلة الاقتصادية والاجتماعية، توحيد البلاد، انحسار مخاطر الفتن الطائفية والعرقية، وتجنب احتمالات التقسيم. كما شهدت البلاد تقدمًا ملحوظًا في التيارات السياسية، ما أفرز خمس تيارات سياسية واجتماعية رئيسية تشبه التيارات التي ظهرت في دول عربية أخرى بعد سقوط أنظمتها (ووفق نسب انتخابات الدول العربية التي تمت بعيد السقوط).
التيارات السياسية والاجتماعية في سوريا
1. تيار الإسلام السياسي:
– **القيادة المتوقعة:** من المرجح أن تتزعمه هيئة تحرير الشام بصيغتها الجديدة.
– **نسبة التأييد:** تتراوح بين 13% و25% في حال تلقي دعم إعلامي وتمويلي.
– **الخصائص:**
– غالبية الأعضاء ملتزمون دينيًا وذوو أخلاق عالية وتواضع وإخلاص.
– خطابهم شعبوي يركز على دغدغة المشاعر الدينية ويشابه خطاب الثورة الإسلامية في إيران وخطاب الرئيس مرسي.
– **النقاط السلبية:**
– شبه غياب الكفاءات الاقتصادية والإدارية النوعية صفوفهم.
– تجاربهم في السلطة غالبًا إقصائية وغير ناجحة.
– يثيرون تخوفًا كبيرًا لدى التيارات الأخرى بسبب خطاباتهم الشعاراتية.
2. تيار المحافظين الوسط
– **القيادة المتوقعة:** قد يتزعمه شخصيات معتدلة مثل معاذ الخطيب.
– **نسبة التأييد:** تتراوح بين 12% و24% في حال تلقي دعم إعلامي وتمويلي.
– **الخصائص:**
– تيار نخبوي فكري يستقطب المهنيين والكفاءات وأصحاب الشهادات.
– يوازن بين الحفاظ على القيم الإسلامية وضمان الحريات والآراء المتنوعة.
– يشابه منهج مهاتير محمد في ماليزيا.
– **النقاط السلبية:**
– يفتقر إلى الطابع الشعبوي، مما يجعله أقل جذبًا للفئات الحماسية.
– بعض القوى الخارجية قد تخشاه نظرًا لقدراته القيادية والتنظيمية.
3. تيار العلمانيين والليبراليين
– **القيادة المتوقعة:** يضم سياسيين سوريين عاشوا في الغرب، إلى جانب إعلاميين وحقوقيين.
– **نسبة التأييد:** تتراوح بين 11% و22%.
– **الخصائص:**
– يسعى لنقل التجربة الغربية، بإيجابياتها وسلبياتها.
– يركز على قضايا مثل حقوق المرأة والطفل والحريات الشخصية والجماعية.
– **النقاط السلبية:**
– توجهاته قد تُثير جدلًا في مجتمع يتمسك بالقيم التقليدية.
– طابعه التحرري يجعله أقل قبولًا لدى الشرائح الشعبية.
4. تيار فلول النظام السابق
– **القيادة المتوقعة:** شخصيات عسكرية أو سياسية سابقة لم تتلطخ بالدماء.
– **نسبة التأييد:** تتراوح بين 9% و18%.
– **الخصائص:**
– يضم أعضاء الحزب السابق، الموظفين المسرّحين، والمستفيدين السابقين.
– يعتمد على خطاب شعبوي يستغل أخطاء الحكومة الجديدة.
– **النقاط السلبية:**
– توجهاته انتهازية، وقد يسعى للتآمر عبر جهات خارجية.
5. تيار اليسار العربي
– **القيادة المتوقعة:** قد يتزعمه قدري جميل أو شخصيات مشابهة.
– **نسبة التأييد:** تتراوح بين 3% و5%، مع احتمالية زيادتها بمرور الوقت.
– **الخصائص:**
– يسعى لإحياء الفكر اليساري والعروبي.
– يعاني من ضعف القبول الشعبي نتيجة ممارسات سابقة لحزب البعث.
—
التحالفات والدعم الخارجي:
– **تركيا:** تدعم التيار الأول بحكم ارتباطه بأجهزتها الأمنية، كما تتمتع بعلاقات جيدة مع التيار الثاني والثالث.
– **قطر:** تدعم التيار الثاني ولديها علاقات طيبة مع التيارين الأول والثالث.
– **السعودية:** تركز دعمها على التيار الثالث وتحتفظ بعلاقات طيبة مع التيارين الأول والثاني.
– **روسيا:** تدعم التيار الخامس ولديها علاقات طيبة مع التيارين الثاني والثالث.
– **إيران:** تميل لدعم التيار الرابع، مع إمكانية التعاون مع التيارات الأخرى.
– **أمريكا:** تسعى للتفاوض مع جميع الأطراف لتحقيق مصالحها.
—
**السيناريوهات المستقبلية**
1. **سيطرة تيار واحد على الحكم**
– في حال سعي الإسلام السياسي أو أي تيار آخر للانفراد بالسلطة، ستنشب ثورة مضادة قد يقودها فلول النظام السابق.
– التيارات الشعبوية أكثر عرضة للاستغلال والسيطرة مقارنة بالتيارات الفكرية.
2. **تحالف تيارين**
– تحالف تيارين قد يؤدي إلى استقرار نسبي مع احتمالية مواجهة ضغوط سياسية غربية.
3. **تحالف ثلاث تيارات**
– تحالف التيارات الأول والثاني والثالث، (فالأول هو الأكثر أخلاقا وحماسا، والثاني هو الأكثر كفاءة واستراتيجية، والثالث هو الأكثر تواجدا اعلاميا والأكثر قبولا للاندماج بالنظام العالمي) قد يخلق بيئة تناغم واستقرار، مما يساهم في جذب الاستثمارات وتحقيق الرفاهية.
—
**النتيجة النهائية**
– الفشل حتمي إذا حاول تيار واحد قيادة البلاد بمفرده.
– استقرار محدود مع تحالف تيارين.
– رفاهية وتنمية مستدامة في حال تحالف ثلاث تيارات تقود سوريا خلال المرحلة الأولى.
نسأل الله التوفيق لسوريا وشعبها في مسارها نحو الأمن والاستقرار والازدهار.
د.رازي مُحي الدين
رئيس مبادرة اقتصاد ووطن