برزت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، كأول منظمة حقوقية سورية، أدركت باكراً أهمية توثيق الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها “نظام الأسد” الذي واجه المطالبين بالحرية بالحديد والنار، لتتمكن خلال قرابة 13 عاماً، أن تكون رقماً صعباً، سجلت حضورها دولياً وعملت على فضح جرائم النظام بالأدلة والبراهين، في مواجهة تضليل متعمد، حاول النظام إخفائها وتضليل الرأي العام الدولي حولها.
وتصدر في واجهة الشبكة، اسم “فضل عبد الغني” الذي شغل منصب المدير التنفيذي لها، ولعب دوراً بارزاً وحضوراً قوياً في كل المحافل واللقاءات الدولية طيلة سنوات، حتى أنه بات في طليعة الشخصيات التي حاول النظام وروسيا تحييدها، لكن قوة وصلابة الشبكة وحضورها الفاعل كان عائقاً أمام تمرير مشاريع النظام، حتى باتت الشبكة المصدر الأول والرئيس في التقارير الدولية لوكالات الأمم المتحدة والدول الغربية كافة، ومنطلقاً لتقويض النظام وإدانته، ولاحقاً لملاحقة مجرمي الحرب ابتداءً من “بشار الأسد” حتى أصغر المجرمين.
من هو “فضل عبد الغني” ..؟
يقول “فضل” في حوار مع شبكة “شام” الإخبارية: “اسمي الأول هو فضل، والدي رحمه الله هو “عبد الغني”، أحد أوائل خريجي كلية الحقوق في سوريا، ومحامٍ مرموق على مستوى البلاد، كما يظهر في الصورة التاريخية، تقلّد والدي مناصب عليا في الدولة، وكان شخصية بارزة إلى أن وافته المنية في مسقط رأسه حماة بتاريخ 27 تشرين الثاني 2011. للأسف، لم أتمكن من توديعه، ولتخليد ذكراه، أطلقت اسم عبد الغني على ابني”.
وأضاف: “عائلتي تنتمي إلى عائلة “الشقفة”، إحدى العائلات العريقة في مدينة حماة، كان منزلنا القديم يقع بجوار جامع الشرقي وعلى ضفاف نهر العاصي في المدينة القديمة، لكنه دُمّر خلال مجزرة حماة عام 1982 التي ارتكبها نظام الأسد البائد، لاحقًا، قام والدي بشراء قطعة أرض في حي الشريعة وبنى عليها منزلًا جديدًا، حيث عاشت عائلتنا.
– سؤال: هل أنت من الإخوان المسلمين، لأن هناك قيادي بازر استلم الجماعة من ذات العائلة، ولهذا أخفيت اسم العائلة كي لا يعرف انتمائك للإسلام السياسي ..؟
وقال “عبد الغني”: “من غير المنطقي وصم عائلات كاملة بصفة أيديولوجية بناءً على انتماء فرد أو عدد قليل منها إلى تيار معين، هل يمكننا افتراض أن جميع أفراد عائلات مثل العطار، أو أبو غدة، أو البارودي ينتمون للإخوان المسلمين؟ بالطبع لا”.
ويضيف: “أنا شخصيًا لم أكن يومًا عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين، وُلِدت في حماة عام 1978، ونشأت ودرست هناك، ثم تابعت تعليمي الجامعي في جامعة دمشق. غادرت سوريا عام 2006 للعمل في الإمارات، ثم انتقلت إلى قطر في 2009، أي قبل انطلاق الثورة السورية بعامين، وكنت أزور مدينتي حتى صيف عام 2010.
ولفت في حواره مع “شام” إلى أن الآلاف من أصدقائي قبل الثورة وبعدها يعرفون توجهاتي الفكرية، التي لا تتوافق إطلاقًا مع الإسلام السياسي ويسخرون بشدة ممكن يقول ذلك، كما أن لدي كتابات ومقابلات منشورة تناقش هذا الموضوع بوضوح.
– سؤال: هل مراقب الإخوان السابق من أقربائك.. ؟ هل لديك عم من الإخوان المسلمين..؟
يقول “فضل” إن عائلة الشقفة من العائلات الكبيرة في حماة، لكنها عائلة واحدة مترامية الأطراف، وأوضح أن المراقب العام السابق للإخوان المسلمين ليس قريبًا لي، فهو ليس عمي، ولا ابن عمي، ولا تربطني به صلة قرابة مباشرة.
وأضاف: في الواقع، لدي عمّان فقط، كلاهما عاش حياته بالكامل في سوريا، ولم يكن لأي منهما أي ارتباط بجماعة الإخوان المسلمين، بل على العكس، أحد أعمامي لديه خلاف فكري مع الجماعة، وكما كان والدي رحمه الله.
واعتبر في حواره مع شبكة “شام” أن وصم العائلات أو المدن بأيديولوجيات سياسية أو دينية هو ظلم كبير. أهالي حماة، على سبيل المثال، عانوا مرتين: مرة من المجازر التي ارتكبها النظام، ومرة أخرى من محاولات وصمهم بأنهم جميعًا ينتمون للإخوان المسلمين. لقد تناولت هذه القضية في كتاباتي، وأشرت إلى آثار هذه التعميمات الظالمة.
– سؤال: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تصرح باسمك الكامل، وتقطع الطريق على الكثيرين ممن انتهز الفرصة واتهمك بذلك..؟
مرجع ذلك وفق “فضل” إلى سببين:
السبب الأول: دواعي أمنية
قال: عائلتي (والدتي، أخي الأكبر معتز وأولاده، أخواتي البنات وأولادهن) كانت تعيش في حماة عند انطلاق الثورة، وقد شعرت بخطر كبير على سلامتهم بسبب نشاطي الثوري، حتى استخدامي لاسم “فضل عبد الغني” كان قد يشكل تهديدًا لهم، لهذا السبب، اخترت اسمًا مستعارًا “علي حسن” خلال بدايات الثورة، عندما كنت في شبكة “شام” والهيئة العامة للثورة السورية، لجأت أيضًا لشراء قناع لتغيير صوتي، خوفًا من أن يتم كشف هويتي وتعريض عائلتي للخطر.
ولفت إلى أنه سيتحدث في المقابلة القادمة عن شخصية “علي حسن”، وعن قرار القيادة الحديث خارج سوريا، بعد أن تورط صحفيين وقنوات، بغباء وأنانية بالتسبب في قتل شهود عيان داخل سوريا، متحدثاً عن توثيق مقتل ٣ شهود عيان على الأقل في تلك الفترة.
السبب الثاني: التركيز على العمل بدلًا من الأسماء:
يضيف “عبد الغني” في حواره مع شبكة “شام”: “أعتقد أن قيمة الشخص تُقاس بما يقدمه من عمل وأخلاق، وليس بمكانته الاجتماعية أو اسمه، هناك قيادات اجتماعية ودينية وسياسية وقفت بجانب النظام السوري، رغم أسمائهم العريقة، لكنهم بلا قيمة حقيقية”.
وتابع: “لدي مئات الأصدقاء في الثورة السورية، لا أعرف حتى اليوم إذا كانت أسماؤهم التي يستخدمونها حقيقية أم لا، ولا يهمني ذلك. ما يهمني هو إسهاماتهم وأعمالهم التي تخدم سوريا”.
وبين “عبد الغني” أن بعض الموتورين انتهز هذه النقطة، لأهدافهم الشخصية منعدمة الضمير والأخلاق، دون أي تحقق من صدق ما يزعمون، وقال: “لا يمكنني تعريض أهلي للخطر من أجل أن أوضح لمجموعة محدودة لا تسعفي كلمات اللغة بوصف مدى فظاعتها، للأسف بعضهم صحفيين وصحفيات ونشطاء، كان بإمكانهم بسهولة مطلقة الوصول إلى معرفة الحقيقة، وخاصة أن المئات من أصدقائي المقربين بعد الثورة على علم بهذا الموضوع الشكلي”.
ووفق “عبد الغني” فإنه “منطقيا، كان الأفضل بعشرات المرات بالنسبة لي الخروج باسم فضل عبد الغني الشقفة، أو فضل الشقفة، وأن أبني على عائلة واسم أبي الحبيب”.
– سؤال: لماذا لم تعلن عن ذلك فور سقوط نظام الأسد…؟
منذ سقوط نظام الأسد في 8 الشهر، كنت منشغلًا بشكل لا يُتصور، لم أتمكن حتى من الحديث مع والدتي أو أي من إخوتي حتى مساء يوم الجمعة، 13 كانون الثاني، بسبب انشغالي بعدة اجتماعات هامة مع وزارات خارجية، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، كندا، وهولندا، بالإضافة إلى لقاءات مع عشرات وسائل الإعلام الدولية، مثل نيويورك تايمز، بي بي سي الدولية، الجارديان، التلفزيون العربي، تلفزيون سوريا، ومع لجنة التحقيق الدولية الأممية، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.
ويضيف: “كذلك، كنت منشغلًا بمتابعة عمل فريقنا داخل سوريا وخارجها، الذي يعمل على ملفات ضخمة، تشمل المختفين قسريًا، مطالبة روسيا بإعادة بشار الأسد، الهجمات الإسرائيلية، انتهاكات حقوق الإنسان، وغيرها من القضايا التي نشرنا عنها، إضافة إلى ملفات أخرى قيد التحضير للنشر”.
وقال مجياً عن التأخر في الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “ربما تأخرت في الكتابة على صفحات التواصل الاجتماعي، لكنني أعلنت ما هو أكثر أهمية ووصولًا منذ اليوم الأول، 8 كانون الأول، عبر إطلالاتي الإعلامية، حيث ظهر اسمي الكامل بوضوح في مقابلات مع تلفزيون سوريا وTRT العربية”.
كلمة أخيرة على لسان “فضل عبد الغني”:
أود أن أوضح أن هذا التوضيح عام وليس موجهًا إلى الأشخاص الموتورين الذين يروجون للإشاعات. هؤلاء، في الواقع، فارغون من أي أعمال جدية، أشبه ببروباغندا النظام وروسيا ضدنا. لا يهمني رأيهم، ولا أعني بالرد عليهم، بل قمت بحظرهم وإخراجهم من حياتي بشكل كامل.
محاولة شخصنة الاختلاف في الرأي أمر لا يلجأ إليه سوى من يفتقر إلى التفكير السوي. النقد مرحب به عندما يكون موجهًا للعمل ومخرجاته أو منهجيته، لكن الانجرار إلى مهاجمة الأشخاص أمر لا يستحق الالتفات.
التوضيح:
قد يكون هذا التوضيح موجهًا لكثيرين ممن لديهم رغبة في معرفتي عن قرب، أو ممن قد يتأثرون بحسن نية ببعض الادعاءات الكاذبة. مع ذلك، أؤمن أن على الجميع التحقق من أي معلومة أو اتهام يتم تقديمه، خاصة إذا كان يحتوي على تشهير. السعي نحو التحقق من المعلومات ومواجهة التشهير بالأدلة والمنطق هو أحد أهم ثمرات ثورتنا الغالية، ويجب أن يصبح مبدأ بديهيًا لنا جميعًا.
ووعد “عبد الغني” أن يتحدث في المقابلة القادمة عن تجربته الأولى باسم “علي حسن”، وكيف قرر التواصل مع وسائل الإعلام من خارج سوريا. كما سيوضح كيف أن بعض الصحفيين تسببوا، عن جهل أو طمع في تحقيق مكاسب شخصية، في مساعدة نظام الأسد على كشف وقتل شهود عيان.