د.محمود الحمزة
من حق السوريين ان يفرحوا من كل قلبهم بعد تحرير احدى اهم المدن السورية حلب الشهباء وبعدها مدينة ابي الفداء حماه الجريحة التي ترسخ تحت ظلم الاسد المجرم 40 عاما كرهينة بيد المخابرات الاسدية الوسخة
وجاء دور حمص مدينة خالد ابن الوليد وسياتي دور دمشق الفيحاء- عاصمة الامويين وسترجع سوريا الى اهلها ومحبيها وتاريخها الحضاري ويطرد عصابات ايران الداعشية الذين عاثوا في سوريا فسادا وتشييعا ونشرا للمخدرات والميليشيات وخلق الفتن والاقتتال في سبيل المشروع الفارسي المعادي للعرب والمسلمين.
وسنتخلص من عائلة الاسد التي توغلت اياديها في دماء السوريين والتي تسلطت على رقابهم مدة 50 عاما وهي تبيع البلاد بالمفرق والجملة، وقد وقف اغلب العالم مع المجرم وتجاهلوا ثورة الشعب السوري الطامح للكرامة والحرية ودولة القانون.
وللأسف فان المعارضة السورية الرسمية لم تكن أحسن من قوى الثورة المضادة لأنها مارست النهب والفساد والتسلط وباعوا الثورة وسيحاسبون في الفترات القادمة على خيانتهم للثورة وخاصة قيادة الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية والحكومة المؤقتة كلهم غدروا بالثورة وعملوا من اجل مصالحهم الخاصة ومصالح رعاتهم.
ولكن الشعب السوري هو صانع الثورة، ولطالما قلنا الثورة لم تمت وهي مستمرة وان منيت بهزيمة كبيرة ولكن شعلتها لم تخمد.
وانتفض السوريون الاحرار والثوار في الشمال السوري ضد محاولات فتح باب الزندين وانتصروا على كل من كان يروج لذلك ومنهم الحكومة المؤقتة المدعومة من تركيا، التي استقتلت على التطبيع مع نظام الاسد المجرم.
وانتفض اهالي ادلب ضد الظلم وطالبوا بحقوقهم وسبقهم اهل السويداء الذين اعلنوا القطيعة مع نظام الاسد واختاروا طريق الثورة وسورية الجديدة بدون الاسد. كما أن حوران مهد الثورة لم تهدأ أبدا وكانت مقلقة للنظام، بالرغم من اعتبارها تحت سيطرته كان الأحرار يتحركون كل يوم.
وجاء يوم التحرير الناجح بامتياز بفضل عوامل عدة:
– أولا وقبل كل شيء الاعداد العسكري و السياسي الجيد للعملية العسكرية من خلال استراتيجية وخطط تكتيكية واضحة شهدناها على الأرض.
– المقاتلون مفعمون بالإرادة والتصميم على تحرير وطنهم من عصابة الأسد والميلشيات الإيرانية التي افسدت البلاد وظلمت العباد
– فشل كل الأحاديث عن الحل السياسي واستهتار نظام الأسد بذلك
– عناد الأسد ضد التطبيع والمصالحة مع تركيا اغضب الرئيس التركي اردوغان الذي طالب الأسد بإلحاح للقاء لكن الأسد تجبر وتكبر معتبرا نفسه منتصر عسكريا ويجب على الجميع ان يأتوا اليه ويقبلوا يديه لكي يرضى بلقائهم. وهذا الموقف الأسد اغضب روسيا بالإضافة الى عوامل أخرى جعلت روسيا بالتدريج تغسل يديها من الأسد فهو يعاند روسيا في كل شيء لأنه خاضع لسلطة نظام الملالي
– وأخطأ الأسد حين ظن ان العالم سيبقى يركض وراءه من اجل إيجاد حل مقبول فهو يعتبر المعارض إرهابية، ولم ينتبه الأسد الى ان الظروف اليوم في عام 2024 ليست هي كما كانت في عام 2015 عندما اقتنعت موسكو بالتدخل عسكريا بطيرانها المدمر ليدعم تحركات حزب الله والميلشيات الإيرانية الأخرى بريا وقتلوا السوريين ويسيطرون على أراضيهم.
– كتب مراسل عسكري روسي خدم في سوريا لسنوات أن “قوات النظام في أضعف حالاتها والفساد والفوضى مستشريان ولا يبدو أن هناك أفقاً لإصلاح الوضع”.
– روسيا على ما يبدو لم تعد مستعدة للانخراط في الحرب في سوريا دفاعا عن شخص لا يحترم مواقفها ولا يريد اجراء أي تغيير في سوريا يهدئ الأوضاع بل غض النظر عن الفقر والمعيشة القاسية للسوريين وانشغل بإنتاج وبيع المخدرات ليقتل السوريين وشعوب المنطقة بها ويجني المليارات من ورائها. وقد تحدث مؤخراً المحلل السياسي المقرب من السلطات الروسية رامي الشاعر عن ضرورة استجابة النظام للوساطات الدولية، بما فيها الروسية، لتجنيب المنطقة أي مواجهات عسكرية، والبدء بالانتقال السياسي الذي يؤدي إلى نظام جديد. وأضاف الشاعر: من الملاحظ أن لهجة الكرملين تغيرت اليوم وذلك يتضح من التصريح التالي: “موسكو تتابع عن كثب ما يحدث في سوريا، وهي في حوار مستمر مع دمشق. وحجم المساعدة المطلوبة من روسيا للسلطات السورية لمحاربة المسلحين يعتمد على تقييم الوضع”. ولأول مرة لم يصف الكريملين الفصائل المسلحة بالإرهابيين.
– روسيا اليوم منشغلة بالحرب في أوكرانيا وخاصة في ظل التصعيد الأخير بالسماح لكييف باستخدام الصواريخ الامريكية والبريطانية والألمانية بعيدة المدى القادرة على ضرب العمق الروسي وإعلان موسكو بأن الناتو فعليا دخل الحرب ضدها وبدأت تهدد باستخدام السلاح النووي واستخدمت صاروخ “اوريشنيك ” المدمر والذي يمكن ان يحمل رؤوسا نووية ولديه مواصفات تقنية خطيرة من سرعة وامكانيات أخرى. ولكن الغرب استمر بالتصعيد وتضييق الخناق على الاقتصاد الروسي مما جعل روسيا تقرر بوضوح انها ليست مستعدة بالتدخل لصالح الأسد وليست مسؤولة عن حمايته. ايان الموقف الروسي حصل فيه تغيير كبير جدا.
– أصبح الأسد عبئا ثقيلا على عاتق إيران المنهكة من العقوبات الغربية وتدمير قيادات حزب الله – الذراع الأقوى لطهران في المنطقة- وضرب الميلشيات الإيرانية في سوريا ومنع الأمريكيين أي تحرك للميليشيات العراقية عبر الحدود السورية.
– وهذا يفسر التراجع والهزيمة النكراء للأسد وميليشيات ايران في حلب وحماه وغيرها من المناطق.
وعلى ضوء الانتصارات الكبيرة ضد عصابة الأسد وحلفائها يأتي بعض المثقفين السوريين ويشككون بما جرى ويقولون ان هيئة تحرير الشام متشددة وستفرض الإسلام على الناس لكن ما حصل حتى اليوم يبين بوضوح ان الثوار هم سوريون احرار مؤمنون بالثورة وقيمها وقيم الإسلام السمحاء ولم يعتدوا على أحد بل احترموا كل الناس ويعدون بتسليم الإدارة في المدن المحررة لأبنائها المدنيين.
نحن اليوم بأمس الحاجة لجسم سياسي يقود المرحلة سياسيا ويتحدث مع العالم بلغة رصينة متزنة ويدافع عن إرادة الشعب السوري الذي لم يتنازل عن حريته وكرامته وان يقود المرحلة الانتقالية القادمة جنبا الى جنب مع كل الاحرار والوطنيين والتكنوقراط والكفاءات العلمية.
ومن يشكك بالإنجازات الثورية الميدانية الأخيرة فإنه يعاني من مرض في عقله لأنه لا يثق بالشعب ولا بالحقائق بل يريد فرض ما لديه من امراض ويزرعها بين السوريين.
ندعو كل شرائح المجتمع السوري من كافة الانتماءات لدعم الانتصارات الأخيرة والمساعدة في إدارة تلك المناطق المحررة من قبل قوى مدنية مؤهلة وتحقيق السلم الأهلي والتعايش المدني الحضاري.
أيها السوريون! جاء اليوم الذي يجب ان نتحدث فيه كسوريين فقط وعدونا هو الاستبداد والظلم والفساد المتمثل بالنظام الاسدي وسلطات الامر الواقع وكل من تسلق على الثورة، وأعداؤنا هم الشبيحة واللصوص والقتلة من أينما جاؤوا.
أيها السوريون تكاتفوا لبناء سورية الجديدة التي تستحقونها، سورية الحضارة الخالية من الطغاة والغزاة والبغاة.